کد مطلب:239514 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:141

الهدف 11
هذا .. و بعد أن یكون المأمون قد حصل علی كل ما قدمناه، و حقن دماء العباسیین، و استوثقت له الممالك، و لم یعد هناك ما یعكر صفو حیاته [1] و قوی مركزه، و ارتفع بالخلافة من الحضیض المهین، الذی أوصلها الیه أسلافه الی أوج العظمة، و التمكن و المجد . و أعطاها من القوة و المنعة، و وهبها من الحیاة فی ضمیر الامة و وجدانها ما هی بأمس الحاجة الیه .. و لتتمكن من ثم من الصمود فی وجه أیة عاصفة، و اخماد أیة ثورة، و مقاومة كل الأنواء، و ذلك هو حلمه الكبیر، الذی طالما جهد فی تحقیقه - انه بعد أن یكون قد حصل علی كل ذلك و سواه مما قدمناه :



[ صفحه 242]



یكون قد أفسح لنظام حكمه المجال - تلقائیا - لتصفیة حساباته مع خصومه، أیا كانوا، و بأی وسیلة كانت، و بهدوء، و راحة فكر و اطمئنان ان اقتضی الأمر ذلك .

كما أنه یكون قد مهد الطریق لتنفیذ الجزء الثانی - و لعله الأهم - من خطته الجهنمیة، بعیدا عن الشبهات، و دون أن یتعرض لتهمة أحمد، أو شك من أحد .. ألا و هو : القضاء علی العلویین بالقضاء علی أعظم شخصیة فیهم . و لیكون بذلك قد قضی نهائیا، و الی الأبد، علی أكبر مصدر للخطر، یمكن أن یتهدده ، و یتهدد خلافته و مركزه ..

انه یرید زعزعة ثقة الناس بهم، و استئصال تعاطفهم معهم، و لیحوله - ان استطاع - الی كره و مقت، بالطرق التی لا تمس العواطف و المشاعر، و لا تثیر الكثیر من الشكوك و الشبهات ..

یظهر ذلك فی محاولاته اسقاط الامام اجتماعیا، و الوضع منه قلیلا قلیلا، حتی یصوره أمام الرعیة بصورة من لا یستحق لهذا الأمر، و لیدبر فیه فی نهایة الأمر بما یحسم عنه مواد بلائه .. كما صرح لحمید بن مهران، و جمع من العباسیین، و سنتكلم بنوع من التفصیل عن محاولات المأمون هذه، التی باءت كلها بالفشل الذریع، و عادت علیه بالخسران ؛ لأن الامام (ع) كان قد أحبطها علیه، بل لقد كان لها من النتائج العكسیة بالنسبة الیه ما جعله یتعجل بتصفیة الامام جسدیا، بعد أن أشرف هو منه (ع) علی الهلاك .. بالطریقة التی حسب أنها سوف لا تثیر الكثیر من الشكوك و الشبهات ..


[1] لقد صرح الذهبي في الجزء الأول من كتابه «العبر»، بأنه في سنة 200 ه . استوثقت الممالك للمأمون .. و هذه هي نفس السنة التي اتي فيها بالامام عليه السلام من المدينة الي مرو .. و لكن اليافعي في مرآة الجنان ج 2 ص 8 و شذرات الذهب ج 2 ص 5 : قد جعل ذلك في سنة 203 : أي في السنة التي تخلص فيها المأمون من الامام الرضا عليه السلام بواسطة السم الذي دسه اليه .. و في اليعقوبي ج 2 ص 452 طبع صادر : أنه في السنة التي غادر فيها المأمون خراسان : « لم تبق ناحية من نواحي خراسان يخاف خلافها ».